الأربعاء، 28 يناير 2009

اوباما والمعجزة


اوباما ...والمعجزة

د. مصعب ابوعرقوب


في زيارته الاخيرة للقدس وقبل توليه منصب الرئاسة وصف اوباما اسرائيل بأنها " معجزة تكشفت" منذ اعلان قيامها قبل 60 عاما.
قد يفهم هذا الوصف في سياقه اذا كانت المعجزة في فهم اوباما خرق للمنطق وكسر للقواعد العسكرية و محو للحقائق التاريخية, فنظرة سريعة على الخارطة الجيوسياسية للمنطقة تظهر اسرائيل دولة صغيرة محاطة بالاعداء احاطة السوار بالمعصم وبشعوب ترحل عيونها كل يوم الى القدس وتغلي غضبا لغزة ولكل قطرة دم تسفكها قنابلها الفسفورية ,دولة استطاعت منظمات شبه عسكرية اخلاء معظم سكانها في الشمال والجنوب تصمد لاكثر من ستين سنة شئ غير منطقي ولا يمكن تفسيره ظاهريا الا ...بالمعجزة.
بعد حرب تموز " نشر جيفري غولدبيرغ مقالاً بمناسبة مرور ستين عاماً طرح فيه على نفسه وعلى اسرائيل أسئلة كبيرة. ومن هذه الأسئلة:"هل تستطيع إسرائيل البقاء لستين عاماً أخرى في هذا الجزء من العالم الذي تنهض فيه كل أشكال المقاومة ضدها؟ وكيف يمكن لإسرائيل تحقيق الازدهار إذا كان جيشها لم يستطع هزيمة مجموعات صغيرة من المقاتلين الذين يطلقون الصواريخ؟ "و تبدو لا منطقية هذه الدولة واستثنائية وجودها في تصريحات ساستها و إصرارهم المستميت على الاعتراف بهم ، وهو ما لا تفعله الدول الطبيعية في محاولة منهم للرد على الطعونات المتعلقة بشرعية نشأة "إسرائيل" وأحقيتها بالبقاء. كما تظهر عجائبية تلك الدولة في تأكيد قادتها دوما على أن القدس عاصمتهم الأبدية وهو ما لا تفعله اي دولة طبيعية فلو قام رئيس وزراء اليابان يوما بالتأكيد على ان طوكيو عاصمة لليابان فسيكون مثار سخرية وتندر , ويضاف الى ذلك صراخ قادتهم امام العالم وقولهم بوجود من يهدد دولتهم بالإزالة ,وأي دولة طبيعية في العالم تفكر بهذا المنطق ؟فلم تدعي كوبا مثلا أن أمريكا تريد إزالتها من الوجود بل ولم يخطر في بالها هذا مطلقا. و إصرار "اسرائيل " على ضرورة دعم الغرب لها لاستمرار وجودها يعطي الحق لاوباما لوصفها بالمعجزة ,فكيف له ان يفسر نشوء دولة على اساس وعد من دولة اخرى لا تملك الارض وكيف يفسر خاتمة حرب 73التي اجتاز فيها الجيش المصري قناة السويس واقتحم خط بارليف وانتهت بمعاهدة كامب ديفيد التي حفظت امن تلك الدولة من جهة مصر حفظا كاملا تاما..اليست معجزة؟ كيف لباراك حسين اوباما ان يتصور نهاية حرب 73 في سوريا التي سيطر جيشها في بداية الحرب على منخفضات طبرية وما حولها وكانت خاتمة ذلك اتفاقية الجولانوالتي حفظت امن "اسرائيل" في الجولان على الرغم من انها لا زالت تحتلها حفظا امنا مطمئنا ...اليست معجزة؟ وعلى ارض معركة الكرامة وقعت معاهدة وادي عربة وحفظت حدود "اسرائيل" من جهة الاردن وتوالت المعجزات فبعد حرب لبنان2006 والتي دكت فيها صواريخ المقاومة ما بعد حيفا كانت خاتمتها القرار1707 الذي حفظ امن الدولة "المعجزة" في جنوب لبنان لدرجة ان جبهة الشمال بقيت باردة رغم المجازر في غزة. وها نحن امام المواقف البطولية لاهل غزة تنتهي باتفاق امني بين اسرائيل و امريكا يحفظ امن اسرائيل في اعالي البحار ومنخفضاتها ثم يتبعه مؤتمر شرم الشيخ العربي الاوربي التركي ليصوغ نتائج امنية تدعم الدولة العبرية ,وتفرض حصارا تسليحيا على غزة ادهى وامر من الحصار السابق..وبعد ذلك الا يحق لاوباما ان يصف اسرائيل بالمعجزة؟؟؟ الا يحق له ان يتصور ان "حل قضية الشرق الاوسط "ممكن فقد تجري على يديه بعض من تلك المعجزات لتحفظ امن اسرائيل وتطيل في عمرها .
ويبقى امام الرئيس اوباما ان هو اراد "السعي للمضي قدما مع العالم الاسلامي على اساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل" كما ذكر في خطاب التنصيب يبقى امامه معرفة ان امة من طنجة الى جاكارتا لا تؤمن بكل تلك المعجزات وتؤمن بمعجزة واحدة خالدة تلتف حولها و تسعى لتجسيدها في دولة واحدة لتلقف ما صنعوا من "معجزات", فالايام دول ولكل زمان دولة ورجال ويبدو ان كل من هب ودب قد استنفذ زمانه واقام دويلته ,وقد ان الاوان لهذه الامة ان تقول كلمتها وتملك زمام امرها وتوحد صفوفها فالتاريخ والواقع يثبت ان ذلك ليس بمعجزة لامة سطرت عبر تاريخها اروع الملاحم والفتوحات وبمقياس اوباما فقد صنعت اروع ما شهده البشر من معجزات.

الجمعة، 9 يناير 2009

لبيك غزة


لبيك غزة
د.مصعب ابو عرقوب

لم تتعرض غزة لحادث سير مروع أو لزلزال أرضي حتى يكون رد الأنظمة ومن دار في فلكهم إرسال المساعدات الإنسانية والأدوية وفتح المعابر للجرحى فقط..! غزة لمن لا يرى تتعرض لمذبحة وحشية تقطع فيها أوصال الأطفال والنساء في بث مباشر تقشعر له الأبدان,و تقف وحيدة أمام جيش يلهو في سمائها بلا رادع,وفي حالة كهذه فان الرد الطبيعي هو أن تتحرك الجيوش وتنفض عنها هذا الذل وتحرر فلسطين وتنهي هذا الكيان الأكذوبة وتجتثه من جذوره استجابة لأمر الله وثأرا لأطفال غزة .
قد يرى البعض أن هذا الرد خيالي وليس بعملي ويروج لهذه الرؤية فريق يطالب بأقل القليل لنصرة غزة وأهلها جاهلين او متجاهلين للحقائق التاريخية والشرعية .
فتاريخيا هل اكتفت أوروبا والولايات المتحدة بإرسال المعونات الإنسانية لفرنسا عند احتلال ألمانيا لها ؟ أم قامت بالإنزال الشهير لقواتها على ساحل نورماندي وبذلك تحررت فرنسا ساركوزي.!!
ألم يسمعوا عن حصار ستالينغراد ؟ هل اصطف الروس في طوابير للتبرع بالدماء والغذاء واكتفوا بذلك؟ ألم يقيموا سكة للقطار على نهر الفولغا المتجمد وسيروا جحافل جيوشهم على أنهر وبحيرات متجمدة ليفكوا الحصار ويحرروا الديار!! هل توسل الفيتناميون لمجلس الأمن أن ينهي احتلال أرضهم؟ أم حرقوا الأرض تحت أقدام الأمريكان!!
هل هذه حقائق أم خيال ؟؟ لماذا عندما يكون الأمر متعلق بالمسلمين فان التحرك الطبيعي يصبح خياليا وغير منطقي؟؟ في حين أن تاريخنا زاخر بأروع الأمثلة في التحرك وصد كل من تسول له نفسه الاعتداء على حمى المسلمين وحرماتهم, بدءا بنبينا محمد ومرورا بالفاتحين والمحررين وليس انتهاء بصلاح الدين وغيرهم من الأبطال. وإذا كان الدافع لتلك الشعوب وطنيتها أو حبها لأرضها أو مصالحها ورغبتها في العيش بسلام فان الأمة الإسلامية تدفعها العقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية التي توجب عليهم نصرة المظلوم كوجوب صلاتهم وزكاتهم بل وتضمن تلك العقيدة لهم إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة فلماذا يطالب البعض بأقل القليل ما دامت الحقائق التاريخية والشرعية تشير إلى أن الأمم لم تتحرر بالاستجداء من مجلس الأمن أو بالتعاطف وإرسال الأغذية، وتكشف تلك الحقائق وجوب نصرة المسلمين لإخوانهم وأن الأمة الإسلامية حاضرة دائما لتسطر تاريخا من المجد والعزة, ألم تسطر حطين وعين جالوت وتموز, فلماذا نمنعها من تسطير صفحة أخرى ونطالبها بأقل القليل؟؟
فالأصل على ضوء تلك الحقائق أن يكون اقل القليل تحرير فلسطين وإنهاء هذا الكيان مرة واحدة وإلى الأبد, فالأمة أمامها الكثير بعد ذلك لتأخذ دورها في العالم كخير أمة أخرجت للناس حاملة رسالة الإسلام للبشرية لتنعم في ظل أحكام الإسلام وتخلص الإنسانية من ظلم الرأسمالية الجشعة.
لتنزل الأمة إلى الشوارع لا لتنفيس الغضب والمطالبة بإرسال المساعدات والبكاء بل لمحاصرة قصور الحكام والمرابطة أمامها حتى يحركوا الجيوش أو تتحرك الجيوش فتخلعهم ألم يرابط شعب أوكرانيا أسابيعا في الشوارع والثلج والسقيع يلفح وجوههم حتى نالوا مرادهم؟؟ , فإذا كان أهل غزة يتلقون القنابل والصواريخ ولا تجد منهم إلا ما يرضي الله فان الشعوب تستطيع أن تتلقى الهراوات والغاز المدمع والرصاص لأيام, وإذا كان أهل غزة فقدوا المئات فان الأمة يجب أن تكون مستعدة لدفع ثمن عزتها وتحررها فالموت في غرق عبارة أو في انهيار بيت أو في حريق قطار أو تحت أقدام المهرولين لاستلام الخبز ليس بأفضل من الموت أمام قصور الحكام طاعة لله حتى لا تطالنا دعوات أهل غزة على المقصرين في نجدتهم, أما الجيوش فلا يجب أن تنتظر أحدا فالحدود تفتح بأيديهم فإخوانهم في غزة كتيبة محاصرة وعدوهم جبان يقصف من السماء يرتعد على الأرض, فالطائرات والصواريخ والمدافع إن لم تستعمل الآن فمتى تستعمل؟؟ فنصرة غزة نصرة للإسلام في نفوس الأمة ,هكذا تنصر غزة فهي حمى الإسلام وحمى الإسلام يدافع عنها بالجماجم ولا غير الجماجم فلبيك غزة.. الم يقل الشاعر:
لبيك أسلام البطولة كلنا نفدي الحمى لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما؟؟؟ د.مصعب ابوعرقوب