الجمعة، 8 يونيو 2007

في انتظار المكافأة السياسية!!!

في انتظار المكافأة السياسية!!!

د . مصعب محمد أبو عرقوب



في كتابه الأخير "فلسطين سلام لا تفرقة عنصرية"يصف الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية جيمي كارتر سياسة واشنطن بالغريبة فيقول إن:"أحد المعوقات الرئيسية لإحراز تقدم هو سياسة واشنطن الغريبة والتي تقضي بان الحوار على القضايا محل النزاع ...هو امتياز لا يمنح إلا كمكافأة للسلوك التابع والمطيع".

وبحسب هذا الفهم للسياسة الأمريكية فان تحقيق مصالح أي دولة أو نظام أو حتى مجرد الحوار على تلك المصالح لا يتحقق إلا" كمكافأة للسلوك التابع والمطيع" ,فأمريكا الدولة الأولى وسيدة الموقف الدولي.

ويبدو أن الأنظمة وبعض الحركات في العالم العربي لا ترى سوى هذه الطريق لتثبيت وجودها وتحقيق مصالحها الشخصية....فتجدها" تابعة مطيعة" في "مبادراتها", وحربها... ضد "الإرهاب" ,وفي رؤيتها لحل قضايا المنطقة, بل "تابعة مطيعة" في وضع مناهجها الدراسية وفي علاقتها مع شعوبها.,راهنة بذلك سياستها الخارجية والداخلية للدولة الأولى ,فأصبحت بذلك غريبة عن شعوبها,لا وزن لها في السياسة الدولية , لا هم لها سوى تثبيت وجودها في السلطة وهو "امتياز لا يمنح إلا كمكافأة للسلوك التابع والمطيع "فأمعنت في تبعيتها وتبديد ثروات أمتها في انتظار تلك المكافأة السياسية, حتى أضاعت مصالح شعوبها واستعدتهم عليها وأفقدتهم الثقة بها, فلم تعد الشعوب ترى فرقا بين مصالح أمريكا و مصالح حكامها فهي متطابقة حتى في الشكليات.

إلا أن هنالك دولا ترى طريقا آخر لتحقيق مصالحها.فتسعى لتأمين مصالح الدولة الأولى لعلها تحصل على مكاسب جراء تأمينها ومسايرتها, وهذا ما فعلته كل من إسبانيا وإيطاليا عن طريق مسا ندتها لأمريكا في احتلالها للعراق,وسلوك هذه الطريق "مغامرة حمقاء بمصير دولة",فما الذي يمنع الدولة الأولى من المساومة على هذه المصالح مع أي دولة أخرى؟؟,وما كان مصير الحكومات والساسة الذين رفَضوا نداءات شعوبهم بعدم خوض الحرب, فأين ازنار وأين برلسكوني ؟؟

أما شافيز فقد اختار طريقا آخر لتحقيق مصالح شعبه ,فتمرد في سلوكه وخرج على الدولة الأولى واضعا مصلحة شعبه فوق مصلحتها والموالين لها .,فسيطر على شركة النفط الفنزويلية,وفرص قيودا مشددة على التعامل بالدولار, وطور علاقاته مع دول أمريكا اللاتينية وزودها بالنفط بأسعار مخفضة,ويحاول توحيدها في مواجهة السياسية الأمريكية .

لقد برهن شافيز بسلوكه هذا أن هنالك طريقا آخر لتحقيق المصالح غير طريق التبعية والطاعة,وهو الطريق الذي تحرر فيه من التبعية وتسلط الدولة الأولى على شعبه وثرواته ,فعاد للحكم بعد 48 ساعة فقط من انقلاب عليه بفعل ثقة وحب الشعب وإخلاص المؤسسة العسكرية له.واختاره الشعب ثانية في استفتاء 2004 ,وثالثة في الانتخابات ألا خيرة ‍‍‍!!!

ولكي نتحرر لا بد لنا من سلوك هذا الطريق فالسلوك "التابع والمطيع" على حد تعبير كارتر لم يأت علينا إلا بمزيد من التبعية والمصائب وفقدان الوزن في السياسة الدولية.ولن يكون ذلك التحرر إلا بوجود دولة تملك مشروعا واضحا للنهضة يقوم على مبدأ تؤمن الأمة به وتثق بمن يطبقه عليها ويحكمها به , فتستعد للتضحية من اجله والحفاظ على وجوده ، عندها فقط نتحرر من التبعية ونستعيد قوتنا وثرواتنا و نفرض رؤيتنا على الموقف الدولي ليقف العالم كله حينها أمامنا ... في انتظار المكافأة السياسية.